يشير موقف كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي الصريح بشأن حرب غزة إلى تحول محتمل عن سياسة الرئيس جو بايدن تجاه إسرائيل، في حين تتطلع إلى الحصول رسميا على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة.
وتغيبت نائبة الرئيس بشكل واضح عن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس أمس الأربعاء، في حين قال محللون إنها إشارة واضحة إلى قلقها بشأن استشهاد مدنيين في غزة.
ولم تعارض هاريس (59 عاما) بايدن في موقفه بشأن إسرائيل أبدا، ولكن مرارا وتكرارا كانت تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.
ويرى مدير الأبحاث في “مجموعة صوفان” كولن كلارك أنه مع انسحاب بايدن المفاجئ من السباق إلى البيت الأبيض فإن لدى هاريس فرصة لفتح “صفحة جديدة” في قضية تخاطر بجعل مجموعة كبيرة من الناخبين الديمقراطيين ينفرون قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وقال كلارك “قضية إسرائيل- غزة هي القضية التي تحظى بأكبر قدر من الخلاف الواضح بين بايدن وهاريس، وأعتقد أنه سيكون هناك أشخاص داخل معسكرها سيدفعونها إلى توضيح هذا الخلاف”.
معاناة هائلة
والولايات المتحدة هي الحليف الأول والداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل، فقد قدم بايدن دعما قويا لها في حربها على قطاع غزة.
ومع أنها لم تعارض بايدن في هذا الصدد فإن تصريحات هاريس بشأن الحرب -التي شهدت تحويل مساحات واسعة من غزة إلى أنقاض- كانت أكثر دقة، ففي مارس/آذار الماضي أدلت هاريس بأقوى تصريحات لأي مسؤول في الإدارة الأميركية حتى الآن عندما دعت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء “المعاناة الهائلة”، وانتقدت إسرائيل بسبب عدم وصول المساعدات الكافية إلى غزة.
وجاءت دعوتها في خطاب لإحياء ذكرى مسيرة للحقوق المدنية في سلما بولاية ألاباما، حيث قمعت الشرطة بعنف مسيرة للحقوق المدنية في عام 1965 في ما يعرف بـ”الأحد الدامي”.
التزام ثابت
هذا الموقف سيظهر بوضوح خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن هذا الأسبوع، علما أن بايدن وهاريس سيعقدان اجتماعين منفصلين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وتغيبت هاريس أمس الأربعاء عن الكونغرس متذرعة بضيق الوقت على الرغم من أنها يجب أن ترأس الجلسة وفق البروتوكول.
ويقول معسكرها إن رحلة مقررة إلى إنديانابوليس تعني أنها لا تستطيع القيام بدورها.
لكن أحد مساعديها أكد أن “سفرها إلى إنديانابوليس في 24 يوليو/تموز ينبغي عدم تفسيره على أنه تغيير في موقفها تجاه إسرائيل”، مشيرا إلى “التزامها الثابت” بأمن إسرائيل.
وتغيب بايدن أيضا -الذي برزت خلافاته مع نتنياهو إلى العلن في الأشهر الأخيرة على الرغم من دعمه القوي لإسرائيل- عن الخطاب في الكونغرس.
ويرى كلارك أن قرار هاريس عدم الحضور ليس بالضرورة “تجاهلا” لكنه “إشارة إلى أن الأمور ستكون مختلفة”.
وتبقى حرب غزة عاملا مؤثرا في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وأثارت سياسة بايدن حفيظة أعداد كبيرة من الناخبين الديمقراطيين، وهددت آمال حزبه في الفوز بولاية ميشيغان المتأرجحة، والتي تضم عددا كبيرا من العرب الأميركيين.
من جهتها، تجاوزت هاريس وعائلتها الانقسام السياسي بشأن هذه القضية، وقام زوجها اليهودي دوغ إيمهوف بسلسلة من اللقاءات العامة لإدانة تصاعد معاداة السامية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويرى بيتر لوغ مدير كلية الإعلام والشؤون العامة في جامعة جورج واشنطن أن الحرب شكلت مجالا يمكن لهاريس أن “تثير فيه نزاعا عاما منسقا” مع بايدن.
ويرى أن ذلك سيساعد أيضا في تمييزها عن دعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب “الشامل” لإسرائيل.
وقال لوغ “لدى هاريس فرصة لاتخاذ موقف مختلف بعض الشيء عبر الاستمرار في دعم إسرائيل” مع الابتعاد قليلا عن موقف الإدارة الحالية لطمأنة المجموعة الغاضبة من الدعم الشامل لها.