«القدس العربي»:çا، بينما اعتقلت الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد الناشط أحمد إبراهيم إسماعيل، في محافظة اللاذقية، بسبب انتقاده للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي. وتزامن ذلك أمس مع إحياء سوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام أمس الذكرى العاشرة لهجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية قرب دمشق اتهم النظام بتنفيذه وأودى بأكثر من 1400 شخص.
وقال المتحدث باسم شبكة أخبار السويداء ريان معروف في اتصال مع “القدس العربي” إنهم أحصوا ستاً وثلاثين نقطة احتجاج في محافظة السويداء، يوم الاثنين، علماً أن العدد مرشح للزيادة، في ظل خروج احتجاجات مسائية في بعض المناطق. ولليوم الثاني على التوالي، تدخل السويداء في حالة الإضراب العام، وغير المسبوق التي انضمت إليها مزيد من الدوائر الحكومية، وغالبية المحال التجارية، وسط قطع الطرقات بالإطارات المشتعلة.
وحسب المتحدث فقد تنوعت مظاهر الاحتجاج، كما تفاوتت نسب المشاركة بين قرية وأخرى، لكن التجمع الأبرز كان في مدينة السويداء، التي شهدت مظاهرة شاركت فيها نساء، إضافة إلى أطفال وشيوخ من رجال الدين.
وقال معروف: هتف المتظاهرون للحرية والكرامة، وطالبوا بالتغيير ورحيل الأسد، كذا الحال في القرى التي شهدت تجمعات صغيرة ووقفات، هتف خلالها المحتجون: “سوريا لنا وليست لبيت الأسد”.
واتسعت رقعة الاحتجاجات في محافظة السويداء، وشملت أكثر من 5 بلدات إضافية، حيث وثق ناشطون 36 نقطة احتجاج.
الإفراج عن المعتقلين
وفي حوران، خرجت مظاهرات، مسائية في أرياف محافظة درعا، جنوبي سوريا، طالبت بإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين. وذكرت شبكة “تجمع أحرار حوران” المحلية، أن مظاهرات شعبية خرجت في مدينة داعل في الريف الأوسط من محافظة درعا، وفي مدينة الصنمين شمالي درعا، وتسيل والشجرة وسحم الجولان غربي درعا، مساء الأمس، طالبت بإسقاط النظام والإفراج عن المعتقلين. وكتب ناشطون لوحات جدارية حملت شعارات تنادي بإسقاط النظام ورحيل بشار الأسد، وتطبيق القرارات الأممية، كان أبرزها: “ارحل بدنا نعيش – سنعيد سيرتها الأولى”.
وحسب مصادر محلية، فقد شهد الريف الشمالي لمحافظة درعا، الاثنين، إطلاق نار كثيف، وتحديداً في محيط المركز الثقافي في مدينة جاسم، الذي تتمركز فيه قوات تابعة لجهاز الأمن العسكري، دون معرفة الأسباب.
ومنذ نحو خمسة أيام، تشهد بعض مدن وبلدات درعا مظاهرات حاشدة، رفع فيها المتظاهرون علم الثورة.
وكان رئيس النظام السوري بشار الأسد قد أصدر مرسوماً برفع الأجور والرواتب بنسبة 100 ٪، أتبعه بقرارات أخرى تفرض رفع أسعار الوقود “المدعوم” و”الحر” بنسب وصلت إلى 300 ٪، حيث أعلن مسؤولون ووسائل إعلام رسمية الأربعاء الفائت في منتصف شهر أغسطس /آب رفع أسعار الوقود وغيره من المنتجات البترولية، مع خفض الحكومة الدعم تدريجياً لدعم المالية العامة، وذلك وسط أزمة اقتصادية خانقة ووصول قيمة الليرة إلى أدنى مستوياتها، وهو ما أشعل حالة من السخط ودفع الناشطين إلى الدعوة إلى إضراب عام وعصيان مدني، يشمل الموظفين والتجار وعناصر “الجيش السوري” في جميع المحافظات.
احتجاج في اللاذقية
وإلى الساحل السوري، نشرت ابنة الناشط أحمد إبراهيم إسماعيل، من محافظة اللاذقية تسجيلاً مرئياً على فيسبوك الأحد قالت فيه إن النظام اعتقل والدها بعد حيلة قام بها مديره في الدائرة التي يعمل بها (مديرية الحراج الزراعي في جبلة).
وأوضحت أن والدها تلقى اتصالاً من مديره طالبه فيه بالتوجه إلى الدائرة بشكل مباشر، مشيرة إلى أن والدها شعر بأمر مريب، وطالب أسرته بالنشر على مواقع التواصل في حال تأخر وانقطع الاتصال به. وأضافت أنه بعد ذلك داهمت دورية من فرع الأمن العسكري منزل إسماعيل وصادرت هاتفه المحمول.
كما كشفت أن والدها تلقى مؤخراً اتصالات من جهات عرفت عن نفسها أنها من “المكتب الرئاسي” تطالبه بالتوقف عن انتقاد النظام وعرضت عليه مبالغ مالية لقاء ذلك، إلا أنه رفض.
ونشط إسماعيل مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تسجيلات نشرها على صفحته على موقع فيسبوك، كان آخرها انتقاد مقابلة رئيس النظام السوري بشار الأسد مع قناة سكاي نيوز.
وتشهد مدينتا اللاذقية وجبلة حالة هدوء حذر وترقب لاحتجاجات مقبلة، عقب اعتقالات شنتها أجهزة الأمن التابعة للنظام السوري طالت ناشطين وأشخاصًا متهمين بتبعيتهم لـ “حركة 10 آب”.
مصدر بأمن الدولة في اللاذقية، قال لموقع “عنب بلدي” إن موجة اعتقالات شنتها أجهزة الاستخبارات خلال اليومين الماضيين، وسط حالة استنفار أمني كبير، خصوصًا بعد تمزيق صور لرئيس النظام بشار الأسد في مدينتي اللاذقية وجبلة.
وحسب المصدر فإن الاعتقالات شملت أشخاصًا يشتبه بانضمامهم إلى “حركة 10 آب”، التي أُعلن عنها مؤخرًا وتداول أعضاؤها قصاصات ورقية احتجاجية في مدن يسيطر عليها النظام. وتسود في محافظة اللاذقية حالة من الخوف والحذر والترقب بين الأهالي، نتيجة تجول دوريات عسكرية ليلية في جبلة متمثلة بسيارات لعناصر أمن.
وقال ناشط في السويداء لفرانس برس طالباً عدم كشف هويته لأسباب أمنية “كفى، اختنق الشعب السوري”، مشيراً الى أنّ مئات تجمّعوا للاحتجاج في المدينة من دون أن يتعرّضوا لأيّ عملية قمع. وأضاف الناشط “أملي الوحيد أن ينتقل هذا الحراك إلى باقي المحافظات ويوصل صوتنا”.
أعوام من التضخّم
وقال مدير موقع “ذي سيريا ريبورت” الاقتصادي جهاد يازجي للوكالة الفرنسية إنّ رفع أسعار الوقود جاء بعد أعوام من التضخّم والبطالة و”إرهاق عام أصاب السكان”. وأضاف يازجي لفرانس برس أنّ “النظام الذي بات أشبه بمافيا عاجز عن اقتراح حلول بعيدة المدى”. وإذا كان يصعب توقّع مآل هذا الحراك الاجتماعي، اعتبر أنّ “المفتاح يكمن في رصد ما سيحصل في المناطق الموالية للنظام وفي دمشق”.
وأسفرت الحرب السورية عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص وتشريد الملايين منذ اندلاعها في عام 2011 بعد أن تعرّضت احتجاجات سلمية مناوئة للرئيس بشار الأسد للقمع، قبل أن يتحوّل الأمر إلى نزاع دام تدخّلت فيه قوى أجنبية ومقاتلون جهاديون من مختلف أنحاء العالم.
ونظّم أهالي الضحايا وناشطون ومسعفون تجمعات منذ مساء الأحد في مناطق عدة في شمال وشمال غرب سوريا لإحياء ذكرى الهجوم الذي ينفي النظام السوري أي تورّط له فيه. ففي عفرين في شمال سوريا، شارك عدد من الناجين ذكرياتهم الأليمة بينما جسّدت مسرحية للأطفال المأساة التي طبعت ذلك اليوم.
وقال محمّد دحلة، وهو أحد الناجين لوكالة فرانس برس “نقيم هذه الفعالية ليس لنتذكّر نحن المجزرة، فهي تعيش في ذهننا بشكل يومي”، مضيفاً “سنبقى مصرّين على محاسبة بشار الأسد المجرم المسؤول عن المجزرة”. وعبّر عن أسفه لتنفيذ النظام السوري “غيرها من المجازر في ما بعد نتيجة تخاذل العالم”. وفي 21 آب/أغسطس 2013، وقع هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام (الغوطة الغربية)، أبرز معاقل الفصائل المعارضة آنذاك قرب العاصمة، واتهم المعارضة النظام السوري بتنفيذه. وتمّ التداول على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام والأسابيع اللاحقة بعشرات مقاطع الفيديو لجثث أطفال ونساء ورجال صدمت العالم، وأكدّ ناشطون أن عائلات بكاملها قضت.
المصدر: القدس