يمثّل دخول المطبعة مع الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 إشكاليةً في التعامل مع تلك اللحظة، التي يعتبرها كثيرون بأنها بداية “الحداثة والتحديث” في مصر، والمنطقة العربية عموماً، مع دخول المستعمِر الغربي؛ في مقابل قراءة أُخرى، تفترض أنّ التوجّه نحو التغيير لدى نُخب عربية، بدأ في وقت سابق على ذلك.
بين تلك القراءتين، يكمن الكثير من التفاصيل المرتبطة بجملة تغيُّرات حدثت آنذاك، بعضها يتعلّق بالتطوّر التقني وانعكاسه على المجتمع، وهو ما يناقشه مؤتمر “الطباعة ومصر: التداولات التيبوغرافية في منطقة البحر المتوسط على مدار القرن التاسع عشر” الذي ينطلق عند الثالثة من عصر الأربعاء، السادس والعشرين من الشهر الجاري، ويتواصل ليومين في مقرّ “المعهد الفرنسي للآثار الشرقية” بالقاهرة.
يضيء المنظّمون ثلاث محطّات أساسية تتصل بفنّ الطباعة، من خلال التساؤل حول الآثار الملموسة لهذه التحركات التقنية والإنسانية؛ الأولى تتناول فترة الحملة الفرنسية بين عامي 1798 و1801 وامتداداتها، حيث ارتكز تأسيس “مطبعة بولاق” لاحقاً في عام 1821، بدوره على خبرات تكوّنت على ضفّتي المتوسط، منها نيقولا المسابكي، وهو سوري الأصل، الذي درس الطباعة في ميلانو؛ والراهب المصري رافائيل أنطون زخور الذي كان عضواً في “المجمع العِلمي المصري” إبّان الحملة، وانتقل إلى باريس حيث شغل كرسي تدريس العربية العامية في “مدرسة اللغات الشرقية”، قبل عودته إلى القاهرة. ثم امتدّت هذه التبادُلات على يد آخرين.
مصدر : العربي